القائمة الرئيسية

الصفحات

 


تمهيد ... !

السلام عليكم و رحمة الله, أما بعد, جميعنا نعرف أو على الأقل سبق و أن سمعنا بالمقولة التي تقول ... : { يخلق من الشبه أربعين }, و كم من مرة رأينا أو إلتقينا مع شخص كنا نظنه في الحقيقة شخصا آخر, لا لشيئ سوى لأنه يشبه الشخص المراد تماما شكلا و مضمونا ... ! ؟

حسنا إليكم هذا القصة, و التي كانت سبب في إختراع بصمة الأصابع للتعرف على الناس, و خاصة المجريمين منهم ... !



     في يوم 01 ماي من سنة 1903م, قامت الشرطة بإلقاء القبض على رجل يدعى { ويل وست - Will West } بجريمة السرقة, و تم الحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات, ليتم إقتياده إلى سجن { ليفينوورث - Leavenworth }, في { ولاية كنساس - State Of Kansas } ليقضي عقوبته هناك ... !


أثناء وصول أي دفعة من المساجين إلى { سجن ليفينوورث } و غيره, عليهم أن يمروا على عدة إجراءات من أجل تسجيلهم في { دفتر السجن }, و هو ما حدث مع { ويل وست }, و بسبب أن { بصمات الأصابع } لم تكن قد ظهرت بعد في ذلك الوقت, فإن الطريقة التي كانت تعتمدها السلطات للفصل بين المتهمين, هي عن طريق أخذ { مقاسات لجسم المسجون }, مثلا { طول الذراع }, و { عظمة الفخذ }, و { محيط الجمجمة }, و { إرتفاع الجبهة } إلخ, و عند الإنتهاء من أخذ هذه المقاسات, يقوم المختصون بأخذ صورتين للمتهم, واحد أمامية و الأخرى جانبية و التي تسمى { Mugshot }, و في الأخير يتم إقتياد السجين إلى مكتب { السيد مكلاوري - McClaughry }, و الذي يعتبر { كاتب السجن }, بحيث يجب أن يمر عليه كل شخص سواء كان داخل إلى السجن أو خارجا منه, و هذا من أجل { فتح محضر أو ملف } حول ذلك الشخص, و يقوم بتدوين كل ما تعلق بذلك الشخص, و من ثمة إعطاء السجين الرقم الخاص به, مع رقم زنزانته ... !


في الصورة ... : { ويل وست } ... !

   



حسنا, حان الأن موعد دخول { ويل وست } إلى مكتب { السيد مكلاوري }, و ما إن شاهده هذا الأخير, حتى وضع كل شيئ جانبا, و بقي يحدق فيه برهة من الزمن, ثم عاد إلى رشده و بدأ يسأله بعض الأسئلة ... :

{ مكلاوري } ... : { هل أنت جديد هنا } ... ! ؟

{ ويل } ... : { نعم يا سيدي } ... !

{ مكلاوري } سأله مرة أخرى ... : { هل أنت متأكد أنك لم تقضي أي عقوبة هنا من قبل } ... ! ؟

قال له { ويل } ... : { لا يا سيدي, هذه هي المرة الأولي لي في السجن } ... !


بدأ الشك و الفضول يسيطران على { مكليري }, لأنه كان متأكدا أنه رأى هذا المسجون من قبل, و لكي يقطع الشك باليقين, ذهب للأرشيف الخاص بالسجن, و ظل يبحث في ملفات المساجين حتى وجد ملف مكتوب عليه { ويليام وست - William West }, و الذي كان يشبه الشخص الجالس أمامه في كل شيئ, حتى أنهما تشاركا نفس { مقاسات برتيليون - Bertillon Measurements } ... !

ملاحظة ... : { مقاسات برتيليون } نسبة إلى { عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي } { ألفونس برتيليون - Alphonse Bertillion }, الذي إبتكر طريقة لأخذ { مقاسات جسم الإنسان }, كصيغة فريدة تستخدم لتصنيف الأفراد, تضمنت { صيغة بيرتيليون } أخذ قياسات لأجزاء جسم شخص ما, و تسجيل هذه القياسات على بطاقة أو ملف, و في الأخير أصبحت طريقة تصنيف الأشخاص و تعريفهم تعرف بإسم { نظام برتيليون - Bertillion System } ... !


بدهشة و إستغراب كبيرين, صاح { السيد مكلاوري } في وجه { ويل }, و أراه صورته, و قاله له ... : { هذا الذي في الصور هو أنت } ... ! ؟

رد { ويل } بإستغراب و إندهاش أكبر قائلا ... : { نعم, فعلا هذا أنا, لا أعلم من أين أحضرتها, و لا كيف تواجدت صورتي هنا ... ! ؟ و خاصة أن هذه أول مرة لي في السجن } ... ! ؟


{ مكلاوري } كان سيجن, فكل شيئ كان متطابقا تماما, نفس الصورة, نفس مقاسات الأذرع و الأطراف, و الأغرب من كل هذا نفس الإسم, فكيف لا يكون من في الصورة هو أنت ... ! ؟


قارن { مكليري } الملفين من حيث المعلومات و وجد كل شئ متطابقا ما عدا شئ واحد فقط, فالسجين الجديد { ويل وست } حكم عليه لمدة ثلاث سنوات بتهمة السرقة, في حين { ويل وست } الآخر, فقد كان محكوما عليه { بالمؤبد } لجريمة قتل من الدرجة الأولى كان قد إقترفها منذ عامين, و هذا ما يعني أن { ويليام وست الثاني } لديه عامين كاملين قابعا في السجن, و لكن الأمر لم ينتهي هنا, { فكاتب السجن } لم يقتنع بعد, و بقي يطرح في الأسئلة على { ويل وست } كأنه تحقيق رسمي يجريه, فسأل { مكلاوري } { ويل } قائلا ... : { هل لديك أخ توأم يشبهك, و يحمل نفس إسمك } ... ! ؟

رد { ويل } و قال ... : { لا, أنا لإبن الوحيد لأسرتي } ... !

 

رد { مكليري } بغضب و قال له ... : { هل تريدني أن أصدق أن هناك شخص آخر له نفس إسمك, و صورتك, و مقاييس جسمك, و لا يوجد أي صلة قرابة بينكما, أنا أريدك أن تقنعني كيف هذا } ... !

كان رد { ويل } محتشما, لأنه حقيقة لم يكن لديه أي تبرير أو توضيح أو حتى شرح للوضعية التي وجد نفسه فيها فجأة ... !


و هنا لم يكن بيد { مكلاوري } سوى من حل واحد, و هو أن يرفع القضية إلى { آمر السجن - The Warden } و يخبره بأمر المشكل الذي وقع فيه عن غير قصد, و منه قام الآمر و بعد الإطلاع على القضية بإستدعاء المتهمين من أجل مقابلة بعضهما البعض, و هنا لم يستطع أي شخص التفوه بأي كلمة و بقي كل واحد يحدق في الآخر ... !


تم فتح ملف تحقيق جديد, و بعد عدة أيام تم التوصل إلى أن القاتل الحقيقي هو { ويل سميث } الذي تم إيقافه بدافع السرقة, في حين أن { ويل } الذي تم الحكم عليه بالمؤبد فقد كان بريئا, و تم الحكم عليه بسبب شبهه بالمجرم الحقيقي ... !

منذ تلك اللحظة, لم يصبح { نظام برتيليون } ذو نفع كبير, فقد بدأ نجمه يأفل, و من أجل إيجاد طريقة جديدة للتعرف على المجرمين, تم التوصل إلى أن { بصمات الأصابع } ليس لها مثيل و من المستحيل أن يتشارك إثنان في نفس البصمة, ليتم إنشاء { قاعدة بيانات } بعد حادثة { ويل و ويليام وست } و تصبح إبتداءا من سنة 1903م بصمة الأصبع كأول محدد للهويات ... !

في الأخير, و بالنسبة { للثنائي وست }, فهناك تقارير ذكرت أن هذا الثنائي في الحقيقة, لم يكن سوى { توأم حقيقي }, تم فصلهما أثناء ولادتهما, و تم تبنيهما بعد ذلك من طرف عائلتين مختلفتين, في حين أن تقارير أخرى تقول أنه لا يوجد أي علاقة بين الإثنين, و كل ذلك الشبه و الإسم و غيره كان مجرد محض مصادفة لا أكثر و لا أقل ... !

يذكر أن البصمات كانت معروفة في القرن الثامن عشر, و قبل ذلك, و لكن لم تصبح رسمية إلا بعد حادثة ويل و ويليام وست, أين تم تبنيها من طرف كبرى دول في ذلك الوقت, ليتم تعميمها و تصبح أول و أفضل طريقة للتعرف على هويات الأشخاص عاى الإطالاق, و يتم تبينها من طرف جميع الدول دون إستثناء ... !














هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع